اخبار الاقتصاد

توجه استثماري جديد في قطاع الطاقة الأمريكي

أصبحت محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي هدفًا رئيسيًا لاستثمارات الطاقة في الولايات المتحدة، حيث تسعى الشركات الكبرى للاستحواذ على قدرات جاهزة بدلاً من الدخول في عملية بناء مكلفة وبطيئة، حسبما أفاد تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.

يعكس هذا الاتجاه المتسارع استجابة فورية للاحتياجات المتزايدة من الكهرباء الناجمة عن توسع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، مما جعل الغاز الطبيعي مصدرًا رئيسيًا بفضل اعتماديته واستمراريته.

يبدو أن شراء المحطات الجاهزة أصبح خيارًا أكثر كفاءة من إنشاء منشآت جديدة، سواء من حيث الوقت أو التكلفة، في ظل النقص العالمي في التوربينات وتأخر تنفيذ المشاريع لفترات طويلة.

 

استثمارات ضخمة تساهم في نمو سوق الطاقة الأمريكي

في 12 مايو/أيار الجاري، أفادت شركة إن آر جي للطاقة بأنها أبرمت صفقة ضخمة تقدر قيمتها بـ 12 مليار دولار (شاملة الديون) للاستحواذ على قدرة توليد كهرباء تصل إلى 13 غيغاوات، وهو ما يعادل تقريبًا سعة 13 مفاعلًا نوويًا.

بعد ثلاثة أيام فقط، قامت شركة فسترا للطاقة بالمنافسة في شراء محطات غازية بقدرة 2.6 غيغاوات مقابل 1.9 مليار دولار.

استحوذت شراكة بلاكستون للبنية التحتية على شركة تي إكس إن إم للطاقة، التي تملك أكبر شركة كهرباء في ولاية نيو مكسيكو، وذلك في صفقة بلغت قيمتها 5.7 مليار دولار.

بدأ العام الحالي فعليًا بصفقة مهمة أخرى، حيث أعلنت شركة كونسلتيشن للطاقة في يناير عن استحواذها على شركة كالباين بمبلغ 16.4 مليار دولار، مما يجعلها الصفقة الأكبر في البلاد من حيث حجم شبكة توليد الكهرباء.

 

الغاز الطبيعي يتفوق على الطاقة المتجددة

ذكرت بلومبيرغ أن الدافع الرئيسي وراء هذا النشاط الاستثماري هو الزيادة السريعة في الطلب على الكهرباء من قِبل شركات التقنية والذكاء الاصطناعي.

بالمقارنة مع مصادر الطاقة المتجددة، يوفر الغاز الطبيعي إمدادات مستمرة على مدار الساعة، مما يجعله خيارًا أكثر موثوقية لمراكز البيانات التي تحتاج إلى تشغيل مستمر دون انقطاع.

نظرًا للاقتصار في إنشاء محطات جديدة، حيث تتراوح تكاليف بناء كل غيغاوات بين 1.5 إلى 3 مليارات دولار، فإن خيار الشراء أصبح أكثر جدوى من حيث التكلفة مقارنة بالبناء. خاصةً أن متوسط التكلفة التي دفعتها الشركات المشتري هو ما بين 700 مليون و1.1 مليار دولار لكل غيغاوات.

 

الأسواق المالية تستجيب بحماس للاستحواذات في قطاع الطاقة

تلقت هذه الصفقات ترحيبًا سريعًا من الأسواق المالية. حيث ارتفع سهم كونستليشن بنسبة 25% في اليوم الذي أعلنت فيه عن صفقة كالباين، بينما زاد سهم إن آر جي بنسبة 26% بعد الكشف عن صفقتها الخاصة.

اعتبرت بلومبيرغ أن هذا النوع من الاحتفال في وول ستريت يحدث بشكل نادر في قطاع الطاقة التقليدي، مما يدل على تحول في الرؤية تجاه شركات الكهرباء ككيانات مشابهة لشركات التكنولوجيا الكبرى.

 

دروس من أوروبا كيف ساهمت محطات الغاز في تعزيز استقرار الشبكة

في أوروبا، بلغت زيادة إنتاج الكهرباء من محطات الغاز ذات الدورة المركبة في إسبانيا 37% خلال الأسبوعين اللذين تليا انقطاع الكهرباء الكامل، مقارنة بالأسبوعين اللذين قبلهما، حسب بيانات شركة “ريد إلكتريكا” التي تدير الشبكة.

زدادت مساهمة هذه المحطات في مزيج الطاقة في إسبانيا من 12% إلى 18%، وذلك في ظل التحديات المتعلقة باستقرار الشبكة نتيجة الاعتماد الكبير على الطاقة المتجددة.

تشير بلومبيرغ إلى أن الازدهار الحالي يعكس تغيّراً في إدراك قطاع الطاقة لاحتياجات السوق في المستقبل، حيث لم يعد الاعتماد على السرعة والتكلفة فقط كافياً، بل أصبحت الموثوقية واستدامة الإمدادات في مقدمة الأولويات، خصوصاً مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي.

والنتيجة هي أن محطات الغاز القديمة أصبحت سلعة استراتيجية، وبدأت الأسواق المالية تعتبر شركات الكهرباء كمراكز نفوذ جديدة في معادلة الطاقة العالمية.

5/5 - (3 أصوات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى